فصل: فصل فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ وَحُكْمِ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَرَضِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَكِلَابٌ) أَوْ نَجَاسَةٌ أُخْرَى وَإِنْ كَثُرَ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ بِبَعْضِهَا) يُفْهَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ بِهَا أَيْ كُلِّهَا.
(قَوْلُهُ فِي الْكِلَابِ جَمِيعِهَا) أَيْ الْمُوصَى بِهَا مِنْ الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ فِي تِلْكَ الْكِلَابِ كَمَا فِي الْمُغْنِي لَكَانَ أَوْضَحَ.
(قَوْلُهُ وَتَقْدِيرُ أَنْ لَا مَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُحَقِّقِ الْمَحَلِّيِّ وَالثَّانِي لَا تَنْفُذُ إلَّا فِي ثُلُثِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِهِ حَتَّى تُضَمَّ إلَيْهِ، وَالثَّالِثُ تُقَوَّمُ بِتَقْدِيرِ الْمَالِيَّةِ فِيهَا وَتُضَمُّ إلَى الْمَالِ وَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ أَيْ قَدْرِهِ مِنْ الْكِلَابِ. اهـ. فَتَأَمَّلْهَا حَتَّى يَظْهَرَ لَك مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ حَتَّى تَنْفُذَ فِي ثُلُثِهَا فَقَطْ. اهـ. سَيِّدٌ عُمَرُ أَيْ فَالْمُنَاسِبُ إسْقَاطُ قَوْلِهِ أَوْ أَنَّ لَهَا قِيمَةً كَمَا فِي الْمُغْنِي أَوْ تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ حَتَّى تَنْفُذَ إلَخْ مَعَ زِيَادَةِ حَتَّى تَنْفُذَ فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَتَقْدِيرُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى رَدِّ الْمُقَابِلِ فَإِنْ قَالَ إنَّ الْكِلَابَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ، فَيُقَدَّرُ أَنْ لَا مَالَ لَهُ. اهـ. كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْصَى) إلَى الْفَصْلِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ أَوْ صَلَحَ تَخَيَّرَ الْوَارِثُ.
(قَوْلُهُ بِثُلُثِهِ) أَيْ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ لَمْ تَنْفُذْ) أَيْ الْوَصِيَّةُ بِالْكِلَابِ.
(قَوْلُهُ إلَّا فِي ثُلُثِهَا)؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ هُوَ حَظُّهُمْ بِسَبَبِ الثُّلُثِ الَّذِي نَفَذَتْ فِيهِ الْوَصِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْسَبَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى فِي وَصِيَّةِ غَيْرِ الْمُتَمَوَّلِ مُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ إلَّا كِلَابٌ) أَيْ وَأَوْصَى بِهَا كُلَّهَا نَفَذَ فِي ثُلُثِهَا فَقَطْ أَوْ كَلْبٌ فَقَطْ وَأَوْصَى بِهِ نَفَذَ فِي ثُلُثِهِ أَوْ أَرْبَعٌ وَأَوْصَى بِاثْنَيْنِ مِنْهَا نَفَذَ فِي وَاحِدٍ وَثُلُثٍ مُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ وَيُنْظَرُ فِيهِ) أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي إلَّا كِلَابٌ وَأَوْصَى بِهَا كُلِّهَا.
(قَوْلُهُ إلَى عَدَدِهَا) أَيْ لَا قِيمَتِهَا إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا وَيُرْجَعُ فِي التَّعْيِينِ لِلْوَارِثِ ع ش مُغْنِي.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَتْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ لَوْ كَانَ لَهُ أَجْنَاسٌ كَكِلَابٍ وَخَمْرٍ مُحْتَرَمَةٍ وَشَحْمِ مَيْتَةٍ، وَأَوْصَى بِوَاحِدٍ مِنْهَا اُعْتُبِرَ الثُّلُثُ بِفَرْضِ الْقِيمَةِ لَا بِالْعَدَدِ وَلَا بِالْمَنْفَعَةِ إذْ لَا تَنَاسُبَ بَيْنَ الرُّءُوسِ وَلَا الْمَنْفَعَةِ. اهـ.
(وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلٍ) سَوَاءٌ أَقَالَ مِنْ طُبُولِي أَمْ لَا (وَلَهُ طَبْلُ لَهْوٍ) لَا يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ (وَطَبْلٌ يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَطَبْلِ حَرْبٍ) يُقْصَدُ بِهِ التَّهْوِيلُ (أَوْ حَجِيجٍ) يُقْصَدُ بِهِ الْإِعْلَامُ بِالنُّزُولِ وَالرَّحِيلِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَطَبْلِ الْبَازِ (حُمِلَ عَلَى الثَّانِي) لِتَصِحَّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لِلثَّوَابِ أَوْ صُلْحٍ تَخَيَّرَ الْوَارِثُ أَوْ بِعُودٍ مِنْ عِيدَانِهِ وَلَهُ عُودُ لَهْوٍ لَا يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ وَعُودُ بِنَاءٍ وَأَطْلَقَ بَطَلَتْ لِانْصِرَافِ مُطْلَقِهِ لِعُودٍ لِلَّهْوِ وَالطَّبْلُ يَقَعُ عَلَى الْكُلِّ إطْلَاقًا وَاحِدًا (وَلَوْ أَوْصَى بِطَبْلِ اللَّهْوِ) وَهُوَ الْكُوبَةُ الْآتِيَةُ فِي الشَّهَادَاتِ (لَغَتْ) الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ (إلَّا أَنْ يَصْلُحَ لِحَرْبٍ أَوْ حَجِيجٍ) أَوْ مَنْفَعَةٍ أُخْرَى مُبَاحَةٍ وَلَوْ مَعَ تَغْيِيرٍ لَكِنْ إنْ بَقِيَ مَعَهُ اسْمُ الطَّبْلِ، وَإِلَّا لَغَتْ وَإِنْ كَانَ رُضَاضُهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ جَوْهَرٍ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ كَطَبْلِ الْبَازِ) قَدْ يُقَالُ الْبَازُ الْمَوْجُودُ الْآنَ مِنْ الْكُوبَةِ.
(قَوْلُهُ أَوْ صَلَحَ) مُقَابِلُهُ لَا يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ رُضَاضُهُ إلَخْ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ إذَا كَانَ رُضَاضُهُ مَالًا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ فَإِنْ كَانَتْ لِجِهَةٍ أَوْ لِمَسْجِدٍ فَيَظْهَرُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ رُضَاضَهُ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِيَّةِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُ الْمَتْنِ طَبْلُ لَهْوٍ) كَالْكُوبَةِ ضَيِّقُ الْوَسَطِ وَاسِعُ الطَّرَفَيْنِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ كَطَبْلِ الْبَازِ) هُوَ لَقَبُ وَلِيٍّ لِلَّهِ اسْمُهُ عَبْدُ الْقَادِرِ الْجِيلَانِيُّ وَالْمُرَادُ بِطَبْلِ الْبَازِ طَبْلُ الْفُقَرَاءِ بِأَنْوَاعِهِ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا أُضِيفَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَنْشَأَهُ وَقِيلَ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُهَيِّجُ الْبَازَ أَيْ الصَّقْرَ عَلَى الصَّيْدِ كَمَا يُهَيِّجُ الْفُقَرَاءَ عَلَى الذِّكْرِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ كَطَبْلِ الْبَازِ) قَدْ يُقَالُ الْبَازُ الْمَوْجُودُ الْآنَ مِنْ الْكُوبَةِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ أَوْ صَلَحَ إلَخْ) مُقَابِلُ قَوْلِهِ لَا يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ وَقَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي إلَّا أَنْ يَصْلُحَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ أَوْ بِعُودٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِطَبْلٍ.
(قَوْلُهُ لِانْصِرَافِ مُطْلَقِهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْعُودَ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ (قَوْلُ الْمَتْنِ إلَّا أَنْ يَصْلُحَ إلَخْ) مَحَلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ قَالَ الْمُوصِي أَرَدْت بِهِ الِانْتِفَاعَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي عُمِلَ لَهُ لَمْ تَصِحَّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْوَافِي وَاسْتَظْهَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ اسْمُ الطَّبْلِ) أَيْ طَبْلِ الْحِلِّ. اهـ. حَلَبِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَغَتْ إلَخْ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ إذَا أَوْصَى بِهِ لِآدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ فَلَوْ أَوْصَى بِهِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ كَالْمَسَاكِينِ أَوْ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ وَكَانَ رُضَاضُهُ مَالًا فَيَظْهَرُ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ، وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ رُضَاضَهُ وَمَا فِيهِ مِنْ الْمَالِيَّةِ شَرْحُ م ر. اهـ. سم وَجَزَمَ بِالصِّحَّةِ حِينَئِذٍ الْحَلَبِيُّ.

.فصل فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ وَحُكْمِ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَرَضِ:

(يَنْبَغِي) لِمَنْ وَرَثَتُهُ أَغْنِيَاءُ أَوْ فُقَرَاءُ (أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ) بَلْ الْأَحْسَنُ أَنْ يُنْقِصَ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْثَرَهُ فَقَالَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ جَمْعٌ بِكَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا تَصْرِيحُ آخَرِينَ بِحُرْمَتِهَا فَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ حِرْمَانَ وَرَثَتِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْته فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْوَقْفِ كَعِمَارَةِ الْكَنَائِسِ فَبَاطِلٌ، وَأَيْضًا فَهُوَ لَا حِرْمَانَ مِنْهُ أَصْلًا أَمَّا الثُّلُثُ فَلِأَنَّ الشَّارِعَ وَسَّعَ لَهُ فِي ثُلُثِهِ لِيَتَدَارَكَ بِهِ مَا فَرَّطَ مِنْهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ قَصْدُهُ بِهِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الزَّائِدُ عَلَيْهِ فَهُوَ إنَّمَا يَنْفُذُ إنْ أَجَازُوهُ وَمَعَ إجَازَتِهِمْ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ حِرْمَانٌ فَهُوَ لَا يُؤَثِّرُ قَصْدُهُ وَتَحْرِيمُ عَقْدِ الْفُضُولِيِّ لَا يَشْهَدُ لِلْقَائِلِينَ بِالتَّحْرِيمِ هُنَا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ؛ لِأَنَّهُ تَلَبُّسٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ فَصَحَّ التَّصَرُّفُ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَرَأَ نَفَذَ لَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ لِجَوَازِ إبْطَالِهِ لَهُ وَلِوَارِثِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّ إجَازَتَهُ تَنْفِيذٌ لَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ (فَإِنْ زَادَ) عَلَى الثُّلُثِ (وَرَدَّ الْوَارِثُ) الْخَاصُّ الْمُطْلَقُ التَّصَرُّفِ الزِّيَادَةَ (بَطَلَتْ) الْوَصِيَّةُ (فِي الزَّائِدِ) إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَإِنْ كَانَ عَامًّا بَطَلَتْ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ رَدٍّ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ.
(وَإِنْ أَجَازَ) وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ إجَازَتُهُ وَلَا رَدُّهُ بَلْ تُوقَفْ لِكَمَالِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ مَعَ فُرُوعٍ أُخَرَ تَأْتِي هُنَا قِيلَ مَحَلُّهُ إنْ رُجِيَ وَإِلَّا كَجُنُونٍ مُسْتَحْكِمٍ أَيِسَ مِنْ بُرْئِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ ذَلِكَ بِأَنْ شَهِدَ بِهِ خَبِيرَانِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُوصِي وَقَعَ صَحِيحًا كَمَا تَقَرَّرَ فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا مَانِعٌ قَوِيٌّ وَعَلَى كُلٍّ فَمَتَى بَرَأَ وَأَجَازَ بَانَ نُفُوذُهَا (فَإِجَازَتُهُ تَنْفِيذٌ) أَيْ إمْضَاءٌ لِتَصَرُّفِ الْمُوصِي بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُثِ لِصِحَّتِهِ كَمَا مَرَّ وَحَقُّ الْوَارِثِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي ثَانِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ عَفْوَ الشَّفِيعِ (وَفِي قَوْلِ عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ وَالْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ لَغْوٌ) لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالنِّصْفِ وَبِالثُّلُثَيْنِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَيُجَابُ بِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ إنْ كَانَ لِذَاتِ الشَّيْءِ أَوْ لَازِمَهُ وَهُوَ هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِخَارِجٍ عَنْهُ وَهُوَ رِعَايَةُ الْوَارِثِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الْأَمْرُ عَلَى إجَازَتِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُحْتَاجُ لِلَفْظِ هِبَةٍ وَتَجْدِيدِ قَبُولٍ وَقَبْضٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْمُجِيزِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَنْفُذُ مِنْ الْمُفْلِسِ وَعَلَيْهِمَا لَابُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ لِقَدْرِ مَا يُجِيزُهُ مَعَ التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ بِمُشَاعٍ لَا مُعَيَّنٍ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَجَازَ وَقَالَ ظَنَنْت قِلَّةَ الْمَالِ أَوْ كَثْرَتَهُ وَلَمْ أَعْلَمْ كَمِّيَّتَهُ وَهِيَ بِمُشَاعٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ، وَنَفَذَتْ فِيمَا ظَنَّهُ فَقَطْ أَوْ بِمُعَيَّنٍ لَمْ يُقْبَلْ.
الشَّرْحُ:
(فصل) فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ وَحُكْمِ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَرَضِ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ جَمْعٌ بِكَرَاهَةِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ) لَا يُقَالُ فَلْتَبْطُلْ الْوَصِيَّةُ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَكْرُوهِ بَاطِلَةٌ،؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَكْرُوهِ هُنَا وَقَعَتْ تَابِعَةً لِلْوَصِيَّةِ بِالْأَصْلِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ بَلْ مَطْلُوبَةٌ وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُدَّعَى أَنَّ الْمَكْرُوهَ الْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ لَا الزِّيَادَةُ وَالْبَاطِلُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَكْرُوهِ لَا الْوَصِيَّةُ الْمَكْرُوهَةُ، وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَرَاهَةَ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ كَقَوْلِهِ أَوْصَيْت بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ مَالِي وَكَذَا بِمِائَةٍ وَمَالُهُ مِائَتَانِ نَعَمْ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حُصُولُ مَالٍ آخَرَ بِحَيْثُ تَصِيرُ الْمِائَةُ ثُلُثًا أَوْ أَقَلَّ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى النَّظَرُ لِحَالِ الْمَوْتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَرَاهَةِ حَتَّى يُحْكَمَ بِهَا فِيمَا لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ دُونَ الثُّلُثِ إذَا صَارَ عِنْدَ الْمَوْتِ فَوْقَ الثُّلُثِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ أَجَازَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِالزِّيَادَةِ مِمَّنْ لَهُ وَارِثٌ خَاصٌّ فَمَوْقُوفَةٌ أَيْ فِي الزَّائِدِ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ إنْ كَانُوا حَائِزِينَ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا حَائِزِينَ فَبَاطِلَةٌ فِي قَدْرِ مَا يَخُصُّ غَيْرَهُمْ مِنْ الزَّائِدِ. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الْحَائِزِينَ وَلَوْ بِطَرِيقِ الرَّدِّ بِشَرْطِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَا إذَا وَرِثَ مَعَهُمْ بَيْتُ الْمَالِ أَمَّا إذَا أَجَازَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بَاطِلَةٌ فِيمَا يَخُصُّ غَيْرَهُمْ بَلْ يُوقَفَ فِيمَا يَخُصُّ غَيْرَهُمْ.
(قَوْلُهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ غَلَبَ إلَخْ) فَلَوْ قُلْنَا بِالْبُطْلَانِ حِينَئِذٍ وَتَصَرَّفَ فِي جَمِيعِ الْمَالِ، ثُمَّ بَرَأَ وَأَجَازَ وَبَانَ نُفُوذُهَا كَمَا سَيَأْتِي فَهَلْ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ التَّصَرُّفِ أَوْ صِحَّتُهُ عَلَى قِيَاسِ مَا يَأْتِي فِي وَلَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْخَارِجُ عَنْهُ) هَذَا لَا يَصِحُّ أَنْ يُرَدَّ بِهِ كَوْنُهُ لِلَّازِمِ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ الْخَارِجُ فَكَوْنُهُ بِخَارِجٍ لَا يُنَافِي اللُّزُومَ، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ يُقَالَ النَّهْيُ عَنْ الزِّيَادَةِ لِأَمْرٍ لَازِمٍ لِلْوَصِيَّةِ وَهُوَ التَّفْوِيتُ عَلَى الْوَارِثِ لَكِنَّهُ لَازِمٌ أَعَمُّ لِحُصُولِ التَّفْوِيتِ بِغَيْرِ الْوَصِيَّةِ وَالنَّهْيُ لِلَّازِمِ الْأَعَمِّ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي تَعْلِيقِنَا عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَشَرْحِهِ لِلْمَحَلِّيِّ الْمُسَمَّى بِالْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ.
(فصل) فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ وَحُكْمِ التَّبَرُّعَاتِ فِي الْمَرَضِ:
(قَوْلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ) إلَى قَوْلِهِ وَأَيْضًا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَحُكْمِ التَّبَرُّعَاتِ إلَخْ) أَيْ وَمَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ كَالْوَصِيَّةِ بِحَاضِرٍ هُوَ ثُلُثُ مَالِهِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُ الْمَتْنِ يَنْبَغِي) أَيْ يُطْلَبُ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ بَلْ الْأَحْسَنُ أَنْ يُنْقِصَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالثُّلُثِ خِلَافُ الْأَوْلَى. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُسَنُّ أَنْ يُنْقِصَ عَنْ الثُّلُثِ شَيْئًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ وَلِاسْتِكْثَارِ الثُّلُثِ فِي الْخَبَرِ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْوَرَثَةُ أَغْنِيَاءَ أَمْ لَا وَإِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّهُمْ إذَا كَانُوا أَغْنِيَاءَ لَا يُسْتَحَبُّ النَّقْصُ وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَقَالَ الثُّلُثُ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَجُوزُ نَصْبُ الثُّلُثِ عَلَى الْإِغْرَاءِ أَوْ بِتَقْدِيرِ أَعْطِ وَرَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ أَيْ يَكْفِيك الثُّلُثُ أَوْ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَوْ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ. اهـ. أَيْ الثُّلُثُ كَافِيكَ أَوْ كَافِيك الثُّلُثُ. اهـ. ع ش.